فصل: الفصل الثاني عشر: الإعياء الذي يتبع الرياضات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الثاني عشر: الإعياء الذي يتبع الرياضات:

فنقول: أصناف الإعياء ثلاثة ويزاد عليها رابع ووجوه حدوثه وجهان فأصنافه الثلاثة القروحي والتمددي والورمي والذي يزاد هو الإعياء المسمى بالقشفي واليبسي والقضفي.
فالقروحي إعياء يحسن منه في ظاهر الجلد شبيه بمسّ القروح أو في غور الجلد.
وأقواه غوره وقد يحس ذلك بالمس وقد يحسّ به صاحبه عند حركته وربّما أحسّ بنخش كنخش الشوك ويكرهون الحركات حتى التمطي أو يتمطون بضعف وإذا اشتدّ وجدوا قشعريرة وإن زاد أصابهم نافض وحمُوا.
وسببه كثرة فضول رقيقة حادة أو ذوبان اللحم والشحم لشدة الحركة.
وبالجملة أخلاط رديئة انتشرت في العروق وكسر الدم الجيد آفتها فلما انتفضت إلى نواحي الجلد انتفضت خالصة الأذى.
وأقل ما يؤذى به هو أن يحدث هذا الجنس من الإعياء فإن تحركت قليلاً أحدثت القشعريرة إن تحركت كثيراً أحدثت النافض وربما انتفض منها الأخلاط الحادة ويبقى في العروق الخامة وربما كان الخام أيضاً في اللحم.
والتمددي يحس صاحبه كأن بدنه قد رُضّ ويحسّ بحرارة وتمدد ويكره صاحبه الحركة حتى التمطي خصوصاً إن كان عن تعب ويكون من فضول محتبسة في العضل إلا أنها جيدة الجوهر لا لذع فيها أو من ريح ويفرّق بينهما حال الخفة والثقل وكثيراً ما يعرض من نوم غير تام وإذا عرض بعد نوم تام فهنالك اختلاف آخر وهو شر الأصناف وأشده ما وتر شظايا العضل على الاستقامة.
وأما الإعياء الورمي فهو أن يكون البدن أسخن من العادة وشبيهاً بالمنتفخ حجماً ولوناً وتأذياً بالمس والحركة ويحس معه بتمدد أيضاً.
وأما الأعياء القضفي فهو حالة يحس بها الإنسان من بدنه كأن قد أفرط به الجفاف واليبس ويحدث من إفراط رياضة مع جودة الكيموس واستعمال استرداد خشن بعده وقد يحدث من يبس الهواء والاستقلال من الغذاء واستعمال الصوم.
وأما وجه حدوث الاعياء فذلك لأن الإعياء إما أن يحدث عن رياضة وهو أسلم وطريق علاجه وجه يخصه وإما أن يحدث عن ذاته وهو مقدمة مرض وطريق علاجه وجه يخصه.
وقد تتركّب هذه بعضها مع بعض بحسب تركب مرادها إما بذاتها وإما بالرياضة وإذا عرفت تدبير المركبات نقلته إلى تدبير المركبات على القانون الذي أقوله وهو أن الواجب أن يصرف فضل العناية أول شيء إلى ما هو أشد اهتماماً مع تدبير ما هو دونه أيضاً والأهم يكون أهم لأمور ثلاثة: إما لأجل القوة وإما لأجل الشرف وإما لأجل الجوهر.
وإذا اجتمع في الواجب من هذه الشروط اثنان أو ثلاثة فهو أهم إلا أن يكون الواحد من الآخر أقوى من اثنين من الأول فيقاوم الاثنين من الأول.
ومثال هذا أن الإعياء الورمي أقوى وأشرف لكن جوهر القروحي إن كان بعد جداً عن الاعتدال وعن المجرى الطبيعي قاوم موجب الإعياء الورمي بالشرف والقوة فقدم عليه وأن لم يكن بعد جداً قدم عليه الورمي.

.الفصل الثالث عشر: التمطّي والتثاؤب:

التمطي يكون لفضول مجتمعة في العضل ولذلك يعرض كثيراً عقيب النوم وإذا صارت تلك الأخلاط أكثر صار قشعريرة ونافضاً وإن صارت أكثر من ذلك أحدثت الحمى.
والتثاؤب ضرب من التمطّي لعارض ممط يعرض في عضل الفك والقص.
وعروضه للصحيح ابتداء بلا سبب وفي غير الوقت إذا أكثر فهو رديء.
والجيد منه ما كان عند الهضم الآخر ويكون لدفع الفضل وقد يفعل التثاؤب والتمطي البرد والتكاثف وقلة التحلّل والانتباه عن النوم قبل استيفائه وهو دفع عاصر والشراب الممزوج مناصفة جيد للتثاؤب والتمطّي إذا لم يكن هناك سبب آخر مانع له.

.الفصل الرابع عشر: علاج الإعياء الرياضي:

نقول: إن العناية بعلاج الإعياء الرياضي أمان من أمراض كثيرة منها الحميات فأما الإعياء القروحي فيجب أن ينقص مع ظهوره من الرياضة إن كانت هي سببه وإن اقترن بها كثرة أخلاط نقصت أو تخم قريبة العهد تدورك ضررها بالجوع والاستفراغ وتحليل حصل في ناحية الجلد بالدلك الكثير الليّن بدهن لا قبض فيه إلى اليوم الثالث ثم تستعمل رياضة الاسترداد ويغذى في اليوم الأول بما جرت به عادته في الكيفية إلا أنه ينقص من كميته وفي الثاني يغذى بالمرطبات فإن كانت العروق نقية والخام في شحم المعي فالدلك قد ينضجه وخصوصاً إذا أنفذت إليه قوة أدوية مسخنة.
ودهن الغرب نافع جداً من ذلك وأدهان الشبث والبابونج ونحو ذلك وطبيخ أصل السلق في الدهن في إناء مضاعف ودهن أصل الخطمي ودهن أصل قثاء الحمار والفاشرا ودهن الأشنة جيدة وكل ما يقع من الأدهان فيه الأشنة.
وأما الإعياء التمددي فالغرض في معالجته إرخاء ما صلب بالدلك اللين والدهن المسخن في الشمس والإستحمام بالماء الفاتر واللبث فيه طويلاً حتى إنه إن عاود الأبزن في اليوم مرتين أو ثلاثة جاز ويتدهن بعد كل استحمام وان احتيج بسبب وجوب نشف العرق وانتشاف الدهن معه إلى أن يعاد مسح الدهن عليه فعل ويغذّى بغذاء رطب قليل المقدار فإنه إلى تقليل الغذاء أحوج من القروحي.
وهذا الإعياء تحلله الرياضة وتفش الإعياء وإن كان عارضاً بذاته لفضول غليظة لم يكن بد من استفراغ وإن كانت ريح ممدّدة حلله مثل الكمون والكرويا والأنيسون.
وأتا الإعياء الورمي فالغرض في تدبيره أمور ثلاثة إرخاء ما تمدد وتبريد ما سخن واستفراغ الفضل.
ويتم ذلك بالدهن الكثير الفاتر والدلك اللين جداً وطول اللبث في الماء المائل إلى السخونة قليلاً والراحة.
وأما القشفي فلا يغير فيه من تدبير الأصحاء شيء إلا أن الماء الذي يستحمّ فيه يجب أن يزاد سخونة فإن الماء الحار جداً فيه تكثيف للجلد مع أنه لا مضرة فيه مثل مضرة البارد من المياه فإنه وإن كثف ففيه مخاطرة لنفوذ برده في بدن قد نحف وربما كان سبب نحافته تخلخل جلده بل هذا هو الأكثر وفي اليوم الثاني تستعمل رياضة استرداد على رفق ولين والحمام كحال اليوم الأول ثم يؤمر أن ينزج في الماء البارد دفعة ليكثف جلده ويقلل تحلله وتحفظ فيه الرطوبة ويلقي بدناً فيه ما يقاومه من الحرارة وقد تكيف به وهذان السببان يتعاونان على دفع غائلة برده وخصوصاً إذا انزج فيه وخرج في الحال ولم يمكث فإن المكث لا أمان معه ويغذى ضحوة النهار بغذاء مرطب يسير لكي يمكن أن يدلك عند العشية كرة أخرى.
وحينئذ يؤخر العشاء ويجتهد أن يكون قد نفض الفضول عن نفسه بتدلك بدهن عذب ولا يصيبن به بطنه إلا أن يكون أحس بأعياء في عضل بطنه فحينئذ يدهنها برفق ولين.
وليتوسع في غذائه وليزد فيه مع توق أن يكون غذاؤه شديد الحرارة.
وكل إعياء يكون سببه الحركة فإن تركها مع ابتداء أثر الإعياء يمنع حدوثه ثم يستعمل رياضة الاسترداد لتدفع الحركة المعتدلة المواد إلى الجلد ويحلَلها الدلك فيما بين تلك الحركات في وقفاتها ويعرف حاله بالاستحمام فإن أحدث الحمام نافضاً فالأمر مجاوز الحد وخصوصاً إن أحدث حمى وحينئذ فلا يجب أن يستحم بل يستفرغ ويصلح المزاج.
وإن لم يحدث الحمام أيضاً شيئاً من ذلك فهومنتفع به.
وإن كان في عروق المعي أخلاط جامدة أو خامة فدبر أولاً الإعياء بما يجب ثم اشتغل بما ينضج الخامة ويلطفها ويخرجها.
فإن كانت كثيرة أشير عليه حينئذ بالسكون وترك الرياضات فإن السكون أهضم وترك الفصد فإنه في الأكثر يخرج النقي ويبقي الخام ولا يسهل أيضاً قبل الانضاج فإن ذلك لا يغني ويؤذي ولا بأس بالإدرار ولا تعطيه مسخناً فينشر الخام في البدن وليكن استعماله عليه برفق وبقدر معتدل.
ويجب أن يجعل في أغذيته الفلفل والكبر والزنجبيل وخل الكبر وخل الثوم وخل الاسترغان وأجرامها أيضاً والجوارشنات المعروفة بقدر.
وبعد النضج وظهور الرسوب في البول ونضج الأغلب فاستعمل الشراب ليتم النضج وأدر وليكن شرابه اللطيف الرقيق ولا يستعمل القيء.

.الفصل الخامس عشر: أحوال أخرى تتبع الرياضات:

من الأحوال وهي التكاثف والتخلخل والترطيب المفرط فنتكلم أولاً في هذه الأحوال ثم ننتقل إلى تدبير الإعياء الكائن من تلقاء نفسه.
فمن ذلك تخلخل يعرض للبدن وكثيراً ما يعرض للبدن من الدلك اليسير ومن الحمام.
ويعالج بالدلك اليابس اليسير المائل إلى الصلابة مع دهن قابض ومن ذلك تكاثف يعرض عن برد أو شيء قابض أو كثرة فضول أو غلظها أو لزوجتها يؤدي ذلك إلى احتباسها في مسام الجلد أو يكون التكاثف بسبب رياضة جذبته من الغور من غير أن يكون عن أسباب سابقة.
أو يكون السبب في ذلك المقام في موضع غباري أو دلكاً قوياً صلباً.
أما كان من برد وقبض فعلامته بياض اللون وإبطاء التسخن والتعرق وعود اللون إلى الحمرة عند الرياضة فهؤلاء يجب أن يستحموا بحمامات حارة ويتمرغوا على طوابقها المعتدلة الحرارة وعلى فراشها حتى يعرقوا ويتدهنوا بأدهان لطيفة حارة محللة.
وأما الواقعون في ذلك من رياضة فعلامتهم عدم تلك العلامات وتوسّخ الجلد.
وعلاجه النفض إن كان هناك فضل واستعمال ما يحلل من حمام وتمريخ.
وأما الواقعون في ذلك من كبار أو قوة ذلك فهم إلى الإستحمام أحوج منهم إلى التمريخ بالأدهان وليتدكلوا تدليكاً ليناً قبل الحمام وبعده.
وقد يعرض عقيب الإفراط في الرياضة مع قلة الدلك ضعف مع التخلخل وقد يعرض من الجماع المفرط أيضاً ومن الحمام المتواتر فينبغي أن يعالجوا برياضة الاسترداد وبدلك يابس إلى الصلابة مع دهن قابض ويتناولوا أغذية مرطبة قليلة الكمية معتدلة في الحر والبرد أو إلى الحر ما هي قليلاً.
وكذلك يصنعون إن عرض ضعف أو سهر أو غم أو عرض يبس من الغضب فإن عرض لهؤلاء سوء استمراء لم يوافقهم رياضة الاسترداد ولا شيء من الرياضات البتة.
وقد يعرض من فرط الاستحمام والاستكثار من الغذاء والشراب والترفه أن يحس الإنسان في أعضائه بفضل رطوبة وخصوصاً في لسانه حتى إنها تضر بأفعال الأعضاء فإن كان من سبب سابق فذلك إلى الطب الجزئي وإن كان من أمر مما عددناه قريباً كشرب أو فرط دعة أو شدة استرطاب من الحمام فيجب أن يجشموا رياضة قوية ودلكاً خشناً يابساً بلا دهن أومع شيء قليل من الدهن السخن.
وأما اليبس المفرط الذي يحسه صاحبه ببدنه فهو من جنس الإعياء القشفي وعلاجه ذلك العلاج بعينه.

.الفصل السادس عشر: علاج الإعياء الحادث بنفسه:

أما القروحي فيجب أن يتعرف حاله: أنه هل هو في الخلط الموجب له داخل العروق أو خارجها ويدلّ على كونه في العروق نتن البول وأحوال الأغذية السالفة وعادته في كثرة تولد الفضول في عروقه أو قلّتها وسرعة انتفائها عنه أو إحواجها إياه إلى علاج وحال مشروبه أنه هل كان صافياً أو كدراً فإن دلّت هذه الدلائل فهو في العروق وإلا فهو بارز.
فإن كان الإعياء من فضول خارجة وكان داخل العروق نقياً كفى فيه رياضة الاسترداد وما أوردناه من التدبير المقول في باب القروحي الحادث بالرياضة.
وإن كان القسم الآخر فلا تتعرضن له بالرياضة بل عليك بتوديعه وتنويمه وتجويعه ومسحه كل عشية بالدهن وإحمامه بالماء المعتدل إن احتمل الحمام على الشرط الذي أوردناه وغذّه بما قلّ ممَا يجود كيموسه من جنس الأحساء مما لا يكون فيه كثرة لزوجة ولا كثرة غذاء وهذا مثل الشعير والخندروس ولحوم الطير مما لطف لحمه ومن الأشربة السكنجبين العسلي وماء العسل والشراب الأبيض الرقيق ولا تمنعه الشراب فإنه منضج مدر.
ويجب أن يبدأ أولاً بما فيه حموضة يسيرة ثم يتدرّج إلى الأبيض الرقيق فإن لم يغن هذا التدبير فهنالك خلط فاستفرغ الغالب فإن كان الغالب دماً أو معه دم فصدت إلا أسهلت أو جمعت على ما ترى من أمر الدم.
وإياك أن تفعل شيئاً من هذا إذا استضعفت القوة.
واستدلالك على جنس الخلط هو من البول أو من العرقَ ومن حال النوم والسهر فإذا امتنع النوم مع تدبيرك الجيد فهو دليل رديء فإن توهمت أن الجيد من الدم قليل في العروق وأن الأخلاط النيئة هي الغالبة فأرحه وأطعمه واسقه ما يلطف بعد أن لا تسقيه ما فيه إسخان كثير بل اسقه ما فيه تقطيع مثل السكنجبين العسلي فإن احتجت إلى أن تزيد الملطّفات قوة جعلت في الطعام أو في ماء الشعير الذي تسقيه شيئاً منً الفلفل.
وإن اضطررت إلى الكموني أو الفلفلي لفجاجة الأخلاط سقيت كما ترى قبل الطعام وبعده وعند النوم مقدار ملعقة صغيرة ولا يصلح لهم الفودنجي فإنه يجاوز الحدّ في الإسخان فإن تحققت أن الأخلاط النيئة ليست في العروق لكنها في الأعضاء الأصلية دلكتهم خاصة بالغدوات بالأدهان المرخية اللزجة وسقيتهم من المسخنات ما يبلغ إسخانه ويلزمهم السكون الطويل ثم الاستحمام بماء معتدل الحرارة وتسقيهم الفودنجي بلا خوف. ولكن يجب أن يكون قبل الطعام وقبل الرياضة فإن احتجت قبل الطعام إلى ممرىء فلا تسقه قوياً منفذاً مثل الفودنجي بل مثل الكموني والفلافلي وليكن من أيهما كان يسيراً والسفرجلي. ويجوز أن يكون ما تسقيه منها بعد أن تتأمل حتى لا يكون البدن شديد الحرارة العرضية وأنت تسقيه هذه.
وينفع هؤلاء المسح بدهن البابونج والشبث والمرزنجوش وغير ذلك وحدهما أو مع الشمع أو يقوى برزيانج أو الرزيانج مع اثني عشر ضعفاً من الزيت وإذا تعرّفت أن الأخلاط في العروق وخارجاً معاً قصدت الأعظم ولم تهمل الأصغر.
فإن استويا قصدت أولاً قصد الهضم بالفلافلي وإن شئت زدت عليه فطراساليون بوزن الأنيسون ليكون أشد إدراراً وإن شئت خلطت به يسيراً من الفودنجي بعد أن تنقص من شربه الكقوني أو الفلافلي أو تزيد في ذلك حتى يبقى بآخره الفودنجي الصرف عندما يكون الذي ما في العروق قد انهضم وانتفض وبقيت عليك العناية بما هو خارج العروق.
والفودنجي كما علمت نافع لهذا ضار للأول.
وأما هؤلاء المجتمع فيهم الأمران فينبغي أن تجنبهم كل ما يشتد جذبه إلى خارج أو إلى داخل فلذلك يجب أن لا تبادر إلى قيئهم وإسهالهم ما لم تتقدم أولاً بالتلطيف والتقطيع والإنضاج ولا تريضهم أيضاً فإذا سكن الإعياء وحسن اللون ونضج البول فادلكهم دلكاً كثيراً وريضهم رياضة يسيرة وجرب فإن عاودهم شيء من المرض فاترك وإن لم يعاودهم فاستمر بهم إلى عادتهم متدرجاً فيه إلى أن يبلغ واجبهم من الاستحمام والتمريخ والدلك والرياضة وفي آخر الأمر فزد في قوة أذهانهم فإن عاود أحداً من هؤلاء إعياء مع حس قروح فعاود تدبيرك وإن عاوده بلا حس قروح فدبره بالاسترداد وأن اختلطت الدلائل ولم يظهر إعياء قوي محسوس فأرحه.
وأما الإعياء التمددي فسببه ههنا هو امتلاء بلا رداعة خلط وعلاجه في الأبدان الردية المزاج الفصد وتلطيف التدبير وفي البدن الذي نتكلم فيه نحن هو بالتلطيف والتقطيع وحده ثم يعان من بعد بما يجب.
وأما الورمي فعلاجه المبادرة إلى الفصد من العرق الذي يناسب العضو الذي فيه أكثر الإعياء أو الذي يظهر فيه أول الإعياء ومن الأكحل إن كان لا تفاوت فيه بين الأعضاء وربما احتجت أن تفصده في اليوم الثاني بل في الثالث فافصد في اليوم الأول كما يظهر ولا تؤخره فيتمكن فيه وفي اليوم الثاني والثالث فافصمه عشاء ويجب أن يكون غذاؤه في اليوم الأول ماء الشعير أو حسو الخندروس ساذجاً إن لم تعرض حمى فإن عرضت فماء الشعير وحده.
وفي اليوم الثاني ذلك مع دهن بارد أو معتدل كدهن اللوز.
وفي اليوم الثالث مثل الخسّية والفرعية والملوكية والحماضية ومثل السمك الرضراضي أسفيدباجا.
ويمنعون في هذه الأيام من شرب الماء ما أمكن ولكنهم إذا عيل صبرهم في اليوم الثالث ولم يستمرئوا طعامهم سقوا ماء العسل أو شراباً أبيض رقيقاً أو ممزوجاً.
وإياك أن تغذيهم إثر هذه الاستفراغات دفعة تتمة حاجتهم فينجذب الغذاء غير المنهضم إلى العروق لوجوه ثلاثة: أحدها أن الغذاء إذا قل بخلت المعدة به ونازعت قوتها الماسكة قوة الكبد الجافبة أما إذا أكثر لم تبخل به بل ربما أعانت جذب الكبد بقوتها الدافعة وكذلك كل وعاء متقدم بالقياس إلى ما بعده والثاني أن الكثير لا يجود هضمه في المعدة والثالث أن الكثير يرسل إلى العروق غذاء كثيراً فتعجز العروق أيضاً عن هضمه.
تدبير الأبدان التي أمزجتها غير فاضلة هذه الأبدان إما مخطئة وإما ممنوة في الخلفة.
فأما المخطئة فهي التي أمزجتها الجبلية فاضلة وقد اكتسبت أمزجة رديئة في الوقت بخطأ التدبير المتطاول حتى استقرت فيها.
والممنوة هي التي أمزجتها في الأصل غير فاضلة أما المخطئة فيتعرف خطؤها بالكيفية والكمية لتعالج بالضد وقد يستحلّ على ذلك من حال سخنة البدن.
وأما الممنوة فهي التي وقع فساد حالها من مزاجها الأول أو من سنها.